السرد القصصي في ذكاء الأعمال
بينما كنت أبحث عن دورات تتعلق بالذكاء الصناعي والبيانات الضخمة، استوقفني ذات مرة عنوان لإحدى دورات الأونلاين يتعلق بذكاء الأعمال. وكان المحاضر فيها واثقاً من نفسه ومما يقدمه للمتدربين حول العناوين التي يطرحها.
طريقة اختصاره لمحتويات الدورة ووعوده بأهمية وحاجة العناوين التي استعرضها جذبتني كثيراً. فكان يعد بأن سلوك المتدرب وطريقة قراءته لبيانات الشركة وقدرته على التأثير في اتخاذ القرارات سيكون مختلف بعد اكمال الدورة.
وعلى هذا الأساس، قررت التسجيل فيها والتدرب عليها. بدأ دورته بـ”السرد القصصي” لبيانات المؤسسة. واخذ يتكلم عن كيفية قراءة البيانات وتحليلها من زاوية تخدم السرد القصصي للعرض الذي سيبرز نتائج التحليل المتعلق بالبيانات.
بصفتي مبرمج وموظف، أهتم كثيرا في كيفية اعداد التقارير، كيفية تمثيل البيانات في رسوم بيانية تسهم في تسهيل قراءة تلك البيانات وفهمها. لكن ما يتم دراسته في مجال ذكاء الأعمال ليس فقط اعداد التقارير. بل كيفية انشاء سرد قصصي يربط نتائج تحليل البيانات ويربط التقارير ببعضها للوصول لهدف أو غاية محددة.. وهو على سبيل المثال اتخاذ قرار يزيد في الانتاجية.
في تلك الدورة، سأمت كثيراً من تكرار “storytelling” لدرجة أني قررت أن لا استكمل ذلك الكورس رغم اجتيازي لمستويين منها. وفي قرارة نفسي كنت أعتبر بأن مقدم الدورة مسوِّق متمكن استطاع جذبي وجذب غيري للتسجيل فيها مع انها لم تكن بذاك الأهمية.
بعد كل تلك المدة، وأثناء اعدادي لورشة عمل، كنت في حاجة لطريقة عرض ابرز فيها نقاط تساعد في اتخاذ قرار في مجال عملي. فكيف أقنع المسؤولين ومن هم في مناصب القرار بفكرتي. تذكرت ما كان يقوله المدرب في ذلك الكورس. وعزمت على تطبيق ما كان يقوله لمرة لنرى النتائج. ولا أخفي عليكم كم كانت النتائج مبهرة حقاً وذات مفعول سحري بحيث يتقبل من هو في دائرة القرار وجهة النظر.
توجد عدة أنواع لسرد القصص في عالم الأعمال، القصص الوصفية، وهي التي تسرد حكاية قسم أو موظف أو زبون وتطوره مع الشركة. أي أنها تهتم بوصف البيانات التاريخية. وقصص النجاح تدخل ضمن هذا النوع. النوع الثاني هو القصص الفرضية التي تطرح الفرضيات وتستكشف أسباب لمشكلة أو تفسيرات لظاهرة. النوع الثالث هو القصص التنبؤية. وهي القصص التي تهتم بدراسة البيانات والمؤشرات الموجودة بهدف التنبؤ بما ستؤول اليه في المستقبل. كما يوجد نوع من القصص يهتم بطريقة سرد الإملاءات والقرارات بطريقة يتقبلها ويقتنع بهال الجميع.
واقع الأمر أننا نتذكر القصص ونتذكر أحداثها. لكن لا أحد منا يتذكر الرسوم البيانية والأرقام والنتائج التجريدية. فيبقى الأثر من وراء سرد القصص الذي بني على هذه الرسوم البيانية والأرقام أكبر بكثير. وتساعد في خلق قناعة لدى المستمع بأهمية الموضوع وأهمية نتائجه.