السجلات التجارية الإفتراضية.. رب ضارة نافعة
نشر خبر في الصحف المحلية عن عزم البحرين اعتماد “السجلات الإفتراضية” بـ”عناوين إفتراضية” والتي تتيح مزاولة ما لا يقل عن 12 نشاط من المنزل دون الحصول على عنوان مقر تجاري، فقط عبر موقع إلكتروني لها. وعليه سيتم الاعتراف القانوني بالمشروعات “الصغيرة” و”المتناهية الصغر” الغير مسجلة حالياً بسبب زيادة تكاليف التسجيل.
قرأت تعليقات القراء على الخبر وفي وسائل التواصل الإجتماعي، وقد استقبله العامة بامتعاض وصنفوه ضمن سياسة دعم الإقتصاد المتردي للدولة وجزء من سلسلة الرسوم والضرائب التي يتم فرضها عليهم وهذه المرة ضحاياها المباشرين هم من يسترزقون من خلال وسائل التواصل الإجتماعي.
ولإيماني بأن التكنولوجيا دائما لديها البديل والحل المناسب، فإني أود ربط السجلات الإفتراضية هذه بالمكاتب الإفتراضية أولا،ً لنتعرف على مفهوم المكاتب الإفتراضية والخدمات التي تترافق معها وحتى كلفتها. ثم سنتطرق للفرص التي من الممكن أن توفرها هذه السجلات. وكيف يمكن لنا تفادي السلبيات المتوقعة.
لنفترض أن معهداً -في مجال نظم المعلومات- صغير أراد منافسة كبار المعاهد في البلد؟ ما الذي سيميزه؟ هل سيستطيع منافسة المعاهد الأمريكية والهندية وهم أرباب هذا التخصص؟ لكن لحظة، ماذا لو كان هذا المعهد فرعاً هو الآخر لمعهد أمريكي؟ هل سيكسب صيت وسمعة أم لا؟ هل ستتقبله الشركات أكثر من كونه معهد محلي صغير غير معروف؟ طيب.. كيف يمكنه تحقيق ذلك؟ من ضمن الخيارات يمكنه استئجار مكتب هناك. ويعتبره الفرع الرئيسي. ويجعل معهده في البحرين فرع. نعم هي فكرة ممتازة، لكن ما الذي يستدعي معهد صغير بميزانية محدودة لدفع مصاريف تشغيل ((الفرع الرئيسي)) في أمريكا؟ هنا تأتي أهمية المكاتب الإفتراضية.
يقوم المعهد المحلي بالإشتراك بباقة بسيطة من باقات خدمات المكاتب الإفتراضية. التي بدورها ستوفر له عنوان حقيقي لمكتب له. ورقمي هاتف وفاكس أمريكيين أو في أي بلد شاء. ويمكن له أن يستلم رسائل ويستقبل اتصالات ويديرأعماله جميعها وهو في البحرين. بل لو أراد عقد إجتماع مع عملاء لإبرام إتفاقيات أو عقد صفقات أو حتى لغرض التصوير وعرضها في موقعهم ليتأكد الجميع من وجود الفرع الرئيسي فان ذلك يدخل ضمن الخدمات التي يتم توفيرها بحسب الباقة. لو أراد لموظفين الإجابة على استفسارات العملاء ومتابعتهم فهو ممكن كذلك.كل هذا بمقابل مبلغ مالي شهري أو سنوي رمزي. بعض هذه الباقات لا يكلف حتى 30 دينار سنوياً لكنها تصل لأكثر من 100 دينار شهرياً بحسب الموقع ونوع الخدمة. قد تكون الأسعار للمواقع التي توفر هذه الخدمات في أمريكا بسعر أرفع، بينما توجد شركات تقدم خدمات أفضل وبسعر أدنى في سنغافورة ودول شرق آسيا.
هكذا فان المعهد يستطيع أن يكون أمريكيا وهو في البحرين مع فكرة المكاتب الإفتراضية. لكن حديثنا الآن عن العكس. أن البحرين هي التي ستصدر سجل تجاري افتراضي. فكيف أستفيد من ذلك؟ واقعاً لا أعلم ما هو نوع الأنشطة التي سيتم اعتماد اصدار سجل لها.. لكن سأعطي مثالا بسيطاً.. ابحث عن مجال تتميز فيه البحرين. كالذهب البحريني أو الفضة البحرينية. فهما لهما سمعة عالمية. وهما في البحرين متوفرين بسعر أرخص وبجودة ونقاوة أعلى عما هم عليه في البدان الأخرى. وعليه فان افتتاح موقع تجاري بسجل رسمي يمهد للقيام بصفقات بيع رابحة ومضمونة. كل ما عليك تصوير نماذج من محلات الذهب والفضة وتشغيل الموقع. وتقوم بشحنها وارسالها. ولو بيعت 3 أطقم ذهب وفضة في العام لكفى لتغطية قيمة السجل واستضافة الموقع. وكل المبيعات بعدها هي أرباح صافية إذ لا توجد مصاريف أخرى من أجار مكتب وفواتير الكهرباء والماء وخطوط الهواتف وغيرهم.
مثالٌ ثانٍ عن الفرص التي قد توفرها هذه السجلات.. أراد صديقي في يومٍ من الأيام أن يكون وكيلاً لإحدى الشركات الكورية لمجموعة من المنتجات الإلكترونية. وقام بمراسلتهم. وكان للحصول على موافقتهم أهمية له إذ أنه سيوفر المنتجات هذه بأقل من نصف السعر الذي يوفره منافسيه من شركات أخرى متوفرة في البحرين. لكنهم رفضوا. حيث اشترطوا أن يكون لديه سجلاً رسمياً نشطاً ومكتباً و و. ولو كان السجل الإفتراضي متوفر لفاز بالحصول على الوكالة.
نأتي لإشكال آخر.. ماذا عن المبيعات الصغيرة كمبيعات التوزيعات والأكلات البحرينية عبر الإنستجرام وعن الرسوم التي سيتم فرضها عليهم؟ هنا لديهم خيارات عديدة في إيجاد البدائل. أولاها أن يتم استصدار سجل واحد ليتشارك فيه أعداد كبيرة من موفري نفس الخدمة. فيكون لهم سجل واحد يعرض جميع منتجاتهم بأرقامهم وحساباتهم المختلفة. إذ أنه لم يحدد القانون بحسب علمي أن لكل حساب سجل. ولو طلبوا ذلك فإن حساب الإنستجرام التجميعي الذي يوفر خدمات كثيرة من نفس النوع عادة يكون أقوى من الحسابات الفردية المتعددة والصغيرة. الخيار الآخر هو أن يتم استصدار رقم هاتف إفتراضي مسجل باسم دولة أخرى ويمكن تشغيل الرقم عن طريق تطبيق ينزل على الهاتف الذكي. ويتم بعدها فتح الحساب بشبكة التواصل الإجتماعي باستخدام رقم الهاتف الإفتراضي الأجنبي. فيكون الحساب حساباً أجنبياً لا علاقة له بالبحرين ولا ينطبق عليه قانون السجل الإفتراضي. وأتمنى أن لا يكون الحل هو اللجوء لفتح حساب انستجرام باسماء الأجانب في البحرين لأن القانون لا يشملهم ولا يغطيهم حسب التصريحات التي يدلون بها.
يمكن لنا ايجاد الحلول لكل مشكلة إذا ما فكرنا بالبدائل عوضا من التفكير في ذات المشكلة. وتحويل كل المشاكل إلى فرص نجاح حقيقية.
23 فبراير، 2016 @ 7:13 م
موضوع مميز، وخلق فرص من عقبات، الله يعطيك العافية
23 فبراير، 2016 @ 7:16 م
تسلم أستاذي أبو نوفل