إحصائيات مشاهدة التلفاز من أين تأتي؟
في وقت سابق كنا نسمع عن إن الكياني الصهيوني يعلن إحصائيات عن عدد متابعي خطابات أحد قادة المقاومة في العالمين العربي والإسلامي وفي كل قطر من أقطار العالم. ويعد نسب المشاهدة العالية له أمرا خطيرا. وفي هذه الأيام نسمع خبر حظر إحدى القنوات على العربسات وتعلن القناة ان نسبة مشاهديها من العربسات لا تتجاوز ال 5% وبالتالي لا يوجد تأثير كبير على عدد متابعيها.والكثير من الإحصائيات تأتي عن شعبية البرنامج الفلاني أو المسلسل ذاك. وعن تدني شعبية هذه القناة وازدياد شعبية تلك. فما مصداقية هذه الإحصائيات؟ وكيف يتم إعداد الإحصائيات هذه.
قبل فترة ليست بطويلة، كنت أعتقد أن التلفاز وما يتعلق به من أجهزة إستقبال للقنوات الفضائية ما هي الا أجهزة إستقبال. وتعمل في إتجاه واحد فقط. أي أنها تستقبل الترددات من خلال الصحن أو الدش، تقوم بتحويل الترددات التناظرية (Analog frequency) الى ترددات رقمية (digital frequency) وتبث هذه الترددات من جهاز الإستقبال DVR الى التلفاز الذي يقوم بعرض الصوت والصورة معا وانتهى الأمر. لكن الفضول الذي أخذني لمعرفة كيف يستطيعون معرفة شعبية القناة تلك. ومن هم مشاهديها وغيرها من معلومات جعلني أبحث.
كانت نتائج بحثي صادمة لي، وأتمنى أن لا تكون كذلك لكم. فوجدت أن هناك تقنيات تتبُّع بامكانها معرفة أي البرامج نشاهد ومن أي قناة بل ومن هم المتابعين وتقدير أعمارهم وما يفضلونه. فلو كانت شركة إعلانية تستهدف فئة الصغار أو الشباب، أو حتى طائفة هؤلاء الشباب أو توجهاتهم الفكرية أو الدينية، لو أرادت الشركة أن تستهدف مستوى تعليمي معين لهؤلاء الفئة، لسيتم إقتراح البرنامج الذي تتابعه هذه الفئة المستهدفة أكثر على القناة الأكثر شعبية بينهم والتوقيت المناسب لإستهدافهم بهذا الإعلان. ليس هذا فحسب، بل حتى لو أرادت الشركة إستهداف من يشاهد منهم الإعلان بشاشة ذات دقة معينة أو بحجم معين لتمكنوا من ذلك. لا أريد التوغل أكثر في معرفة نوع البيانات التي يتم جمعها. لكن سأسأل كيف لهم أن يجمعوا كل هذه البيانات.
واقعا هم يستخدمون تقنيات عديدة. تطورت هذه التقنيات ولا زالت تتطور. وجدت تقنيات تعقب من أربعينيات القرن الماضي. وكانت البيانات المجموعة بسيطة. تطورت هذه التقنيات في 1960 وما بعده تدريجياً. إذ أن هناك أجهزة إرسال معلومات متخصصة تقوم بتسجيل الترددات التي يلتقطها التلفاز والوقت والمكان. وعليه ومن طبيعة الترددات يستطيعون معرفة القناة التي يتم مشاهدتها من كل جهاز. ويستطيعون معرفة شعبية كل قناة في كل منطقة والبرامج والأوقات التي يشاهدون تلك البرامج فيها.
طبعا تتطور التقنيات وطريقة جمع الإحصائيات. حتى تم الإستعاضة عن الإعتماد فقط على الأجهزة الإلكترونية تلك ليتعداه إلى إيجاد برمجيات مصاحبة لهذه الأجهزة بإمكانيات أكبر. وصارت التقنيات تعتمد على التسجيل الصوتي لبرامج القناة عوضا عن الترددات للقناة نفسها (منذ عام 2010 وما بعده). ذلك لأن طريقة البث بدأت تتعدد وتتغير ولا تكتفي على إلتقاط الترددات وحسب. كما هو الحال في الإشتراك بالكابلات أو المشاهدات في العالم الرقمي على الإنترنت.
هذه التقنية ومن خلال 15 ثانية من التسجيل فقط تستطيع التعرف على القناة وبرامجها. وحتى لو تداخل صوت قناتين معاً أو أصوات أخرى. فهذه البرمجيات تمتلك على طرق تصفية وتنقية عالية الجودة بحيث يمكن لها التفريق بين القناتين أو التشويش الحاصل. وتعطي لهم إحصائيات دقيقة.
ولاحظنا مؤخراً إعتماد ربط الإنترنت بالتلفزيون أو أجهزة الإستقبال هذه. وهو ما يخططون له حيث أن ربطها بالإنترنت سيسهل عليهم عملية جمع الإحصائيات والبيانات تلك. مع العلم بأن حتى قنوات البث المباشر في الإنترنت يتم رصدها. وحتى لو تمت برمجة الأجهزة هذه لتسجيل برنامج معين لمشاهدته لاحقا فهي أيضا تدخل ضمن هذه الأرقام. سبق وقلت ستذهلون وتصدمون لو اضطلعتم على تفاصيل ما يجمع عنا من بيانات.
من أراد الإستزادة فليراجع المصدرين التاليين لوضوحهما وغناهما وتوجد مصادر كثيرة أخرى: الأول موقع BARB البريطاني والذي يحتوي على فيديوات توضيحية بهذا الخصوص. وموسوعة الويكيبيديا. كلاهما بالإنجليزي.