أساليب تقويم ذكية
في فترة الامتحانات، يعكف الطلاب على المراجعة والاستذكار. وقد يعانون ضغوطاً نفسية كبيرة جراء ذلك. لكن هل دائما يعكس الامتحان مستوى الطالب الحقيقي؟ هل هو معيار واقعي للحكم على الطالب بإتقانه الكفايات من عدمها؟ الجميع يعلم أن أي ظرف قد يؤثر على نتائج الطلاب. بل أن ظروف اجراء الامتحان نفسه وتوقيته في حد ذاتهما يعدان عاملين مؤثرين على النتائج. وما دام ظرف بسيط أثناء الامتحان أو توقيته قد يؤثران على النتيجة.. فهل يمكن الاعتماد على الامتحانات كأسلوب رئيسي للتقويم؟
علاوة على ذلك، نجد أحياناً أن بعض الطلبة الذين لا يجيدون التعامل مع الامتحانات ولا يحرزون على نتائج عالية فيها هم الأكثر نجاحاً في الحياة العملية والأكثر فهماً لمحتوى ومضمون كفايات المادة العلمية. وفي المقابل نجد بعض الذين يحرزون على النتائج العالية في الامتحانات يفشلون عملياً في توظيف تلك الكفايات في أعمالهم وحياتهم. إذا هل الامتحانات هو أسلوب التقويم الأمثل الذي يجب أن يعتمد في اجتياز المراحل الدراسية والدورات التدريبية؟
حاولت البحث عن الدراسات التي يقوم بها الدارسون في مجال الذكاء الصناعي وتعلم الآلة. من الواضح جداً أن مجمل دراساتهم تنصب في طريقة نقل عملية التقويم التقليدية الورقية إلى عالم التقنيات والأجهزة. يحاولون انتاج مثلا برامج ذكية تستطيع فهم إجابات الطالب وتقييمها. وبرامج تقوم بتحليل نتائج الامتحانات الورقية والخروج بنتائج حول فاعلية الامتحان والطالب. ينتجون برمجيات تستطيع أن تصحح النتائج بشكل سريع. أو برمجيات قادرة على إدارة الامتحانات ككل عن طريق الأجهزة الذكية. لكن يبقى أن محور هذه الدراسات هو الامتحان لا غيره. بحثت أكثر حول الدراسات التي تتحقق من الكفايات دون اللجوء لمسألة الامتحان. لكنها دراسات خجولة لم تطرح البديل الناجح.
لا زلت أمتلك طموح التوصل لآلية سهلة تقوم على أساس قياس طوال فترة دراسته لتستطيع استيعاب مستواه دون اللجوء الى الامتحانات. أي ان طموحي هو محاكاة طريقة فهم المعلم لمستويات الطلاب عنده أثناء الشرح ومن خلال مشاركاتهم واهتمامهم بالمادة واثراءاتهم وآرائهم قبل تقديم أي امتحان. فلو استطعنا وضع معايير وحولناها للوغريثمات تتمكن من أداء ذلك لسيكون طفرة في مستوى التعليم. لا أهدف هنا لإلغاء الامتحانات.. لكن لا يمنع ذلك من البحث حول أساليب تقويم ذكية يرتاح لها الطالب والمعلم معاً.
توجد برمجيات ذكية مصممة لمجاراة تعلم الطلاب في مواد دراسية محددة ومحصورة بمواضيع محدودة جداً. وفيها تمارين وأنشطة تقيس مستويات الطالب وتنتج له تحدي يتناسب مع مستواه ليظل يتحدى نفسه ويتطور تدريجيا الى أن يتحقق الهدف. لكنها تختص بالمواضيع المصممة لها. وليس هذا ما أطمح إليه. طموحي هو إيجاد بدائل ذكية تكون داعمة للمعلم في كل المراحل التعليمية ولكل المواد التعليمية أو حتى التدريبية وتعطي مقياساَ وتقديرا يمكن الاعتماد عليه دون الدخول في متاهة الامتحانات.
فهل تستطيع تقنيات رؤية الآلة والواقع المعزز وتعلم الآلة وعلم البيانات وبقية تفرعات الذكاء الصناعي أن تقدم حلولاً وبدائل غنية؟ الكمبيوتر الذي يستطيع ضبط المخالفين من سواق السيارات حتماً يستطيع أن يقدم حلولا في مجال أهم.. في مجال التعليم.