الروبوتات الذكية والمشاعر
قامت مؤخرا شركة يابانية بطرح روبوت في الأسواق له القدرة على فهم بعض المشاعر الإنسانية ومحاولة إضافة البسمة لمن يتعامل معه. وقد لاقى رواجا منقطع النظير في البيع. واستهدف كبار السن والمرضى بشكل أكثر من باقي الشرائح. اذ انهم أكثر من يحتاج لروبوت يسعدهم ويضيف البهجة إليهم ويغير أجواء الروتين القاتل. فهل فعلا تستطيع الروبوتات والأجهزة الذكية أن تفهم المشاعر البشرية؟ وهل هي قادرة على مواساة هموم الانسان ومشاركته لأفراحه وأحزانه؟ هل مستقبلا ستستطيع أن تصادق روبوتا آليا؟
عكف الباحثون على محاولة جعل التكنولوجيا الحديثة قادرة على فهم المشاعر والأحاسيس والحواس الإنسانية في سبيل استشعارها عن طريق الآلات والروبوتات ومجاراتها أو البناء عليها في اتخاذ اجراءات معينة بناء على تلك الأحاسيس. ولا يخفى على أحد مدى النجاح الذي تحقق. لكن ما هي حدود التكنولوجيا في هذا المجال؟ والى أي مدى ممكن لهذه الآلات أن تجاري المشاعر الإنسانية.
نحتاج لمعرفة أين هي التكنولوجيا من تلك المشاعر والأحاسيس أن نعرف ما هي الأحاسيس المقصودة والمتوفرة لدى الإنسان أولا. ثم ما هي التقنيات التي توافقها في مجال الإلكترونيات والذكاء الاصطناعي.
فالانسان والكائن الحي عموما كما أنه يشعر بالفرح والحزن، فانه يشعر كذلك بالجوع والعطش والألم والبرد والحرمثلاً. ويشعر أيضا بالخوف والغضب والذهول وقس على ذلك. ولو تكلمنا عن مجمل الحواس فان البصر واللمس والسمع وما سواها يدخل في نفس الإطار. كما اننا نتحدث عن أجسام متناغمة مع الطبيعة ومتكاملة معها اذ ان تأثير الطبيعة على الانسان او الكائن الحي تأثير متبادل. فمثلا يصل الأمر أن بعض الكائنات تشعر بقرب حدوث بعض الظواهر الطبيعية كالزلزال وتساقط الأمطار وغيرها قبل حدوثها.
يتحسس الكائن الحي بطرق مختلفة. أبرزها وجود الهرمونات والخلايا العصبية. لكن بعض هذه المشاعر تأتي بتأثير خارجي وليس له علاقة بالمشاعر العضوية وهو ما يزيد الأمر تعقيداً. فمثلا سماع خبر معين ينعكس على الإنسان بمشاعر الفرح أو الحزن. وبعضها يتعلق بالتعاملات مع الآخرين. فنتيجة لتعامل ما يغضب الإنسان أو يشعر بالخوف.
من ناحية التكنولوجيا، فانها تعتمد على تقنيات مختلفة في محاولة لفهم تلك المشاعر. فتارة تحتاج الى أجهزة ومستشعرات. كما هو الحال في عملية الرؤية من خلال الكاميرا، السماع عن طريق المايكروفونات. وأحيانا تتحسس التقنيات بعض المشاعر عن طريق المستشعرات، فيوجد مستشعر خاص لقياس الحرارة والبرودة ومستشعر آخر للألم وثالث للشعور بالضغط وغيرها.
فالتكنولوجيا نجحت جزئياً في تمثيل ومسايرة الإنسان في نظره والتعرف على بعض الأشياء بمجرد تصويرها. ونجحت بشكل أكبر في التعرف على المتكلمين وأصواتهم وما يقولونه. كما توجد أنظمة لإستشعار الألم ومواضعه. وتوجد دراسات في تشخيص الخوف أو القلق من خلال تأثيراته العضوية على الإنسان. وتستطيع التكنولوجيا أيضا أن تتعرف على قسمات الوجه لتحدد ما اذا كان فرجأ أو حزينا أو غاضبا وغيرها من الحالات التي تظهر ملامحها على الوجه.
وفي المقابل فان الروبوتات وجميع التقنيات لا تستطيع فهم حقيقة مشاعر الإنسان حتى يومنا هذا مهما بلغت من الذكاء. ولا تستطيع فعلياً أن تحدد ما إذا كان هذا الشخص مسرورا أم حزيناً. ومحاولات فهم قسمات الوجه مثلا هي محاولة فهم مظاهر وانعكاسات لهذه المشاعر. فتستطيع التلاعب بنتائج تصنيف الروبوت للمشاعر بسهولة. ففي عمق الحزن قد تصنف التكنولوجيا مشاعرك بالفرح. وفي عمق الفرح قد تصنفها بتصنيف آخر.