أنظمة النصح وإمكانية تخمين ما تحبه
“المرء على دين خليله”، هذا من الإرث الثقافي الإسلامي الذي يؤكد على أن من الممكن فهم شخصيتك، أطباعك، ما تحب وما تكره من خلال فهم من تصاحب ومن تصادق. والفكرة ذاتها تم البناء عليها لإنشاء أنظمة النصح المستخدمة عالمياً.
أنظمة النصح هي المقترحات التي يتم إقتراحها على المستخدم للموقع (أو ما هو على شاكلته) والتي يتوقع أن تنال إعجابه أو استحسانه أو كحد أدنى أن تكون موضع اهتمام المستخدم. قد لا يكون التعريف واضحاً لوحده لكن مع هذا المثال سيكون الأمر أكثر وضوحا، لمستخدمي الفيسبوك مثلا،، نجد ان عددهم بالملايين. وتوجد مئات الآلاف من الصفحات فيه. وكل مستخدم وكل صفحة فيها العديد من الأخبار والمقالات والصور. لكن بفضل أنظمة النصح التي تستخدمها الفيسبوك بفعالية.. فإنها تقترح عليك أسماء شخصيات قريبة جدا من معارفك الحقيقيون في الواقع. وبامكان الفيسبوك إقتراح صفحات لصحف يومية وجمعيات سياسية وغيرها قريبة جداً من توجهاتك. فهذه الأنظمة تختار من بين ملايين الصفحات والمستخدمين والأخبار ما تتوقعه أنه يهمك ويثير إعجابك فتظهره لك بينما تخفي البقية.
وتوجد عدة أنواع لأنظمة النصح. فهناك أنظمة تعتمد في طريقة تقديم إقتراحها على مقارنة المستخدم بمستخدم آخر(User based filtering system). أي أنها تقوم بتصنيف جميع المستخدمين لنظامها. وتراقب ما يفضلونه (عن طريق ما يتصفحونه وما يضغطون على زر اللايك فيه أو ما يعلقون عليه أو أي اشارة تفيد اهتمامهم). وبالتالي تقارن أقرب المستخدمين اليه (عن طريق أرفع نسبة تشابه في المواد المفضلة لديهم). ثم يقوم هذا النظام بعرض ما تم تفضيله من قبل من يشابهون المستخدم هذا في تفضيلاته اليه. وكثيراً ما تنجح هذه الخطة. فمثلا نجد الكثير ممن يتابع هذه أخبار منطقته من صفحة ما، ويتابع أخبار المناطق المحيطة بها، ويتابع أبرز الشخصيات فيهم، هم كذلك يتابعون الأخبار العالمية من الصحيفة المحلية الفلانية ومن متابعة القناة العلانية. وبالتالي فان المستخدم الجديد الذي بدأ يهتم بأخبار منطقته من خلال تلك الصفحة سيتم إقتراح الصفحات الأخرى المذكورة دون سواها. وهذا النوع هو ما استفتحنا به المقال. إذ أن ذوو المشتركات الكبيرة يمكن فهم ما يهمهم من خلال ما اهتم به أقرانهم.
توجد طريقة أخرى لتقديم المقترحات، فهي أنظمة تعتمد على مقارنة المادة المضمونة نفسها مع المواد الأخرى (Item based filtering system). وفي هذه الطريقة يقوم النظام بمقارنة المحتوى مع محتويات المنتجات او المشاركات الأخرى. فمثلا في موقع أمازون. عندما تبحث عن كتاب يتحدث عن موضوع معين. يبحث النظام عن أقرب منتج يتناول نفس الموضوع ويقوم باقتراح شرائه جنباً الى جنب مع الكتاب السابق.
توجد أنظمة إقتراح (أو أنظمة نصح) تعتمد على المزيج من التقنيتين السابقتين. فهي في الوقت التي تراعي فيه إهتمام المستخدمين الآخرين هي نفسها تراعي أن يكون مضمون المحتويات متشابه. وهو الأكثر ذكاء بينهم. وكثير من أنظمة الإعلانات تستخدمه. مثل جوجل (وجميع المواقع التي ذكرناها سابقا كذلك). ففي متجر التطبيقات لجوجل تجده يقترح تطبيقات تشابه في المضمون تطبيقات أنت تستخدمها وتستهويك. وفي الوقت نفسه تجد المتجر يخبرك بأن فلان والذي هو أحد معارفك وممن تتواصل معه باستخدام هاتفك قد قام بتقييم التطبيق واستخدامه.
واقعا أنظمة الربح هذه قد ضاعفت مبيعات الشركات أضعافا لا حدود لها بحسب إحصائيات البيع قبل وبعد استخدامها. إذ أنها تسهل عملية البحث لدى المستخدم وتقوم بتوفير كافة اهتماماته وتضعه أمام عينيه. ودائما ما تذكر قصة أحد مواقع بيع الأفلام في هذا الشأن. إذ إنه عرض مسابقة تحدي للمبرمجين. فمن يستطيع أن يطور معادلة نظام النصح لديه بحيث ترتفع المبيعات 10% ستدفع له شيك بمليون دولار لتجعل منه مليونيراً فورا. طبعا اذا زادت مبيعاتها بهذه النسبة فانها ستحصل على الملايين من الدولارات كل شهر.
يمكن لأنظمة النصح توظيفها في كافة المجالات وبأشكال مختلفة. وقد ذكرت سابقاً مثلاً أن بامكان أية شركة بيع وتسويق أن ترسل رسائل إعلانية ذكية لكل مستخدم مسج مختلف يتوافق مع إهتماماته. فبالتالي توفر أكثر وتزيد من فعاليتها ومردودها.