الذكاء الإصطناعي..حتى لا نكون نوكيا أخرى
تستنفر الشركات حين تقل مؤشرات البيع وتنخفض الأرباح. وعندما تستقر معدلات انخفاض البيع لشهور، تعلن الشركات عن حالة من الطوارئ. تقوم خلالها بالبحث عن خيارات تنعش سوقها ولو على حسابات استراتيجية. تناقش الشركة استثمارات جديدة، تغييرات جذرية، إقالات، تجديد الدماء بضخ طاقات شبابية وخبرات لها تاريخها. تناقش أحيانا حتى إحتمالات إندماج مع شركات أو بيع الشركة لشركات باتت أكثر قوة في السوق.
نوكيا – الشركة المصنعة للهواتف التي سيطرت على السوق العالمية لسنوات- اختفت وتلاشت أمام الكبار الجدد. الكبار الجدد لم يعودوا جدداً. هواتف نوكيا كانت تمتاز بالقوة، بالجودة. لكن تطورها لم يكن بالسرعة المطلوبة. تنبهت الشركة في التوقيت الخطأ وإختارتا خيارات استثمارية أبعدتها عن السوق أكثر فانخفضت مبيعاتها أكثر.
مايكروسوفت كذلك عانت من إنخفاض حصتها السوقية للهواتف الذكية. حاولت أن تستغيث بمن يطلب الغوث وعلى وشك الغرق. فاشترت خطوط انتاج نوكيا للهواتف بصفقة خيالية لتوحد جهود الشركتين وتقوي حظوظها في المنافسة. لكنها لم تفلح تماما.
لست هنا لأناقش خطة إنقاذ شركات متضعضعة في السوق. لأني أؤمن بأن الوقاية خير من العلاج. وفي المجال التقني.. فان الشركات تضخ أموال بشكل جنوني في الأبحاث والمنتجات المتعلقة بالذكاء الإصطناعي لتضمن بقائها في السوق. فالمنتج الأكثر ذكاءً هو الأكثر ربحا وبقاءً. إذ إن الهدف الرئيسي من الذكاء هو جعل الآلة تفهم الإنسان وتتعامل معه بشكل سلس وطبيعي.. وتذلل الصعاب لتجعل من الحياة أكثر سهولة. وهذا بالضبط ما يجعل من تطبيقاتها محببة لدى المستخدمين. حيث تقدم لهم أعلى درجات الإتقان بأقل جهد.
شركة مايكروسوفت مثلاً قامت بشراء تطبيق كيبورد مشهور جداً يسمى SwiftKey بقيمة تقدر ب250 ملليون دولا. وهو كيبورد للهواتف التي تعمل بنظامي أندرويد وIOS. قد لا يعدو كونه أكثر من مجرد كيبورد للمستخدمين إلا إن لهذا التطبيق القدرة على معرفة ما الكلمات التي يتكرر إستخدامها من قبل المستخدم. متى يستخدمها وأين يستخدمها ومع من. ولديه القدرة على تخمين الكلمة المراد كتابتها بمجرد كتابة الأحرف الأولى منها حتى لو كانت الكلمة باللهجة الدارجة. لا تتصور أبداً أن شركة مايكروسوفت تقدم صدقة عند دفعها هذا المبلغ الهائل لمجرد لوحة مفاتيح. فان الإستثمار في الذكاء الإصطناعي إستثمار رابح ومضمون.
شركة التويوتا مع ما تمتلكه من حصة تعد الأعلى في سوق السيارات وحتى لا تكون كشركة النوكيا في المستقبل، تنبأت بأهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في منتجاتها وإلا ستخسر حصتها من السوق. فأعلنت عن خطة ببليون دولار لدعم الأبحاث المتعلقة بالذكاء. وضمن إعلانها أكدت أنها ستبدأ بالأبحاث التي تجعل من سياراتها تتعرف على صوت السائق لتدعيم أمن السيارات. وستدعم ربط أجهزة السيارة بالهواتف الذكية. بالتالي بإمكانك التحكم بأجهزة السيارة من هاتفك أو التواصل مع السيارة بالهاتف عن بعد. ولا تستغرب إن وصلك تنبيه على هاتفك لتخبرك السيارة بأعطالها. هذه الميزانية تشتمل على خطة لإنتهاج نفس نهج سيارات جوجل الذاتية القيادة.
ليست وحدها الشركات التي تعلن وتتباهى بتوجهاتها في مجال الذكاء الإصطناعي… فان طفللاً لم يكمل الثامنة عشر من عمره أصبح مليونيراً في ظرف أيام من إنشائه تطبيق متميز في الذكاء الإصطناعي. فمتى نتنبه نحن لنخطط بشكل صحيح ولانظل متأخرين.