المجالات وعلوم الكمبيوتر
أتذكر موقفاً حدث لي العام الماضي مع أحد الطلبة المميزين جداً. كنت أحاول إقناعه بالانضمام الى فريق يهتم بالفعاليات التكنولوجية. فكان جوابه أن والداه يرفضان ذلك، معللاً بأن السبب هو أن (التكنولوجيا والحاسوب) ليستا مادة أساسية كاللغات والرياضيات والعلوم. فهو يفضل التفاعل مع هذه المواد لأهميتها.
لا يمكنني لوم هذه الأسرة التي تهتم بابنها وتتمنى له الأفضل. لكن هل الأفضل فعلاً هو صرف توجهات الطالب عن الاهتمام بمادة كالحاسوب؟ وأتساءل من أين جاءت هذه الفكرة وكيف ترسخت لدى الكثير حتى باتت ثقافة بأن الحاسوب مادة فرعية ولا تحتسب في المعدل وليست ذات قيمة.
هذا المفهوم ترسخ إثر ترتيب وزارة التربية أولوياتها وجعل الحاسوب مساوياً لمواد التقانة والفنون وبقية المجالات التي لا تحتسب في المعدل وتعتبر مادة هامشية مقارنة بالمواد الأساسية الأربع (اللغة العربية، الإنجليزية، الرياضيات والعلوم) ومادة فرعية بالنسبة لبقية المواد (كالمواطنة والمواد الاجتماعية والتربية الإسلامية).
الجامعات الخاصة عندما أرادت التأسيس والانطلاق قامت بدراسة أوليات السوق وأسس الاقتصاد القائم في البلد… ووجدت أن أكثر تخصصين مطلوبين في سوق العمل البحرينية هما قطاعي إدارة الأعمال وتكنولوجيا المعلومات والاتصال. وعليه فانهما تخصصان أساسيان في جميع الجامعات.
هذا التخصص (تكنولوجيا المعلومات والاتصال) في وقتنا الحاضر هو عصب السوق العالمية ومحركها. هو أحد المجالات النشطة جداً. وتعد شركاته من أغنى الشركات العالمية. هو التخصص الذي لا تستغني عنه أية مؤسسة مهما كان نشاطها. هو التخصص الذي بدأت شركات رائدة باشتراط إلمام جميع موظفيها بعلوم الحاسوب (وليست فقط تطبيقات الحاسوب كبرامج الأوفيس) مهما كانت وظيفتهم وتخصصهم الأساسي ومجال عملهم. هذا التخصص الذي تشير جميع المؤشرات على أن السوق العالمية والمحلية بحاجة إليه أكثر مما سبق. هذا التخصص الذي قد تقودك أية فكرة جديدة فيه إلى الثراء الفاحش. فحتى الألعاب الإلكترونية التي نستهين بها ونستصغرها في نظرنا يفوق مدخولها في العام الواحد مجموع مدخول جميع أفراد الأسرة -التي ترفض أن يشارك ابنها في فعاليات تكنولوجية خشية على مستقبله- منذ بدء عملهم وحتى تقاعدهم. بل قد يفوق مدخول لعبة إلكترونية واحدة مدخول المسؤولين في الوزارة الذين لا زالوا يعتبرون تخصص علوم الحاسوب مجرد مجالات.
علوم الحاسوب هي مجموعة متنوعة من العلوم حالها حال الفيزياء والكيمياء والرياضيات.. التي تتفرع عنهم مجموعة من العلوم تخدم الإنسانية وتكاملها وتدعم سوق العمل.
علوم الحاسوب في اعتقادي يجب أن يكون مادة رئيسية كما هو الحال في بعض المدارس الخاصة الأجنبية. التي توليه أهمية. فيدرس الطالب في مراحله الابتدائية أساسيات الكمبيوتر وتطبيقاته. ولا يتخرج من الثانوية الا وهو ملم بالشبكات والصيانة والتصميم وتحرير الفيديو وأنظمة قواعد البيانات وأساسيات البرمجة وغيرها. بل وجدت لدى بعض المدارس الخاصة اتفاقيات مع معاهد بحيث تغطي مناهجهم مناهج دورات عالمية معتمدة. فيتخرج الطالب من الثانوي حاملا معه شهادات تخصصية في مجال الحاسب الآلي تعينه في أي مجال يختاره مستقبلا. علوم الحاسوب والتي تشمل الاتصالات تعتبر حاجة ملحة في يومنا الحاضر فيجب أن يكون مادة أساسية لا هامشية أو احدى مواد المجالات. هذا إذا أردنا فعلا أن نخدم سوق العمل ونواكبها ونكون في الموقع الصحيح.
6 سبتمبر، 2016 @ 5:38 م
موضوع جميل جدا.
النكتة ان مسوولين في الوزارات وبعض الشركات المتخلفة يمتلكون احدث الهواتف الذكية, لكن في الامور المتعلقة بالعمل لازاوا يفضلون برامج واجهزة “منقرضة”, مثل استخدام الفاكس بدل الايميل! اعتقد ان السبب يعود الى انهم “متعودين” على هذه البرامج والاجهزة ولا يحبون التغيير!
6 سبتمبر، 2016 @ 5:52 م
اعتماد الكمبيوتر كمادة أساسية يحتاج لميزانية ضخمة وموارد..لكنه يحتاج لتغيير النظرة وللعزيمة أولا… اما من ناحية الفاكس والايميل اخي الكريم.. فوزارة التربية مثلا اعتمدت مؤخرا ايميل رسمي ومساحة كبيرة للتخزين السحابي لكافة الموظفين.. لكن ومع استخدام الجميع للايميل الشخصي الا اني اشوف الاقبال على استخدام الايميل الرسمي لا زال ضعيف.. من ناحية ادارات الوزارة والمدارس وحتى المعلمين..
وطرحي للموضوع بناء على حرصي على مصلحة أبناءنا ليس الا