الأطفال والدفع الإلكتروني
يحمل الأطفال في جيوبهم الآن هواتف وأجهزة إلكترونية. تأخذ من وقتهم الكثير. يتواصلون فيما بينهم عبر هذه الأجهزة من خلال برامج عديدة. يدخلون الى شبكات التواصل الاجتماعي، يصرفون جهدهم ووقتهم مع الألعاب. الألعاب التي تغزو اهتماماتهم. ما الجديد اذن؟
الجديد هو تيسير عملية الدفع الإلكتروني والشراء عبر الإنترنت. نبدأ بشبكات التواصل كالإنستجرام. فالأطفال يتابعون، كما يتابع الكبار، حسابات البيع عبر هذه الشبكات. وعملية الشراء بالانستجرام لا تتطلب بطاقات ائتمانية. فبعد مشاهدة السلعة على الإنستجرام يطلبونها من البائع بالواتساب. وعادة من يقوم بالتوصيل هو طفل ثالث لا يهتم ما إذا كان المستلم صغيراً أم كبيراً. ولا يعلم في كثير من الأحيان ما هي البضاعة التي يقوم بتوصيلها.
يحكي لي أحد الأخوة أنه تم طلب مجموعة ألعاب من بضاعته المعروضة للبيع على الانستجرام. واشترط هذا المشتري ألا يتم طرق باب المنزل بل اخباره بوصول البضاعة بالواتساب. وعند التوصيل، تأخر المستلم في عملية استلام البضاعة. فاتصل البائع على رقم التواصل. ليتفاجأ بأن المشتري هو طفل. وإنه يخفي مسألة الشراء عن أهله. فكان ينتظر الفرصة للخروج لاستلامها. لكن أصر البائع أن يعلم الأهل بعملية الشراء أو الإلغاء. وفعلاً رفض الأهل. وحاولوا القيام بتسوية مع زميلي البائع. إلا إنه كان متفهماً وهو بنفسه من قام بإلغاء العملية.
في هذا الموقف كان البائع متعقلاً و"صاحب ضمير". لكن ليس الجميع يهتم لهذه الأمور. وقبل عتابهم علينا بمعاتبة الآباء لإعطاء مثل هذه الصلاحيات للأطفال. ومع تطور عمليات الدفع الإلكتروني، أصبح بإمكان كل طفل يمتلك هاتفاً أن يقوم بشراء الألعاب الإلكترونية كيف يشاء دون علم والديه.
فشركات الاتصال الآن تروج بقوة الى إمكانية شراء التطبيقات من سوق التطبيقات بخطوات بسيطة. فالمسألة لا تحتاج الى بطاقة ائتمانية كما في السابق. يكفي توفر رصيد في الهاتف. وجميعنا يعلم مدى شغف الأطفال الجنوني للألعاب الإلكترونية. وسؤالي للآباء.. هل تستطيع إيقاف ابنك، الذي سلمته هاتفاً في سن مبكرة، من عملية شراء ألعاب إلكترونية تستهويه؟ هل أنت مستعد لدفع تكاليف هذه الألعاب بشكل مبطن ودون علمك أو درايتك؟ هل قمت بتهيئة ابنك ليحسن التصرف ويستأذن منك أولاً قبل القيام بخطوات كهذه؟
الأطفال مستهدفون في صناعة فكرهم وتوجهاتهم قبل أن يكون بإمكانهم الشراء. فما بالك وأن بالإمكان الربح من ورائهم علاوة على توجيههم لما لا يروق لتوجهات الأسرة والمجتمعات المحافظة. المال كان هدفاً لاحتلال دول واستباحة حرمات واستعارة حروب. فما هو حال طفل يملك المال وآلية التصرف فيه بمعزل عن الراشدين. حتماً لن يكونوا بمأمن.