تكولوجيا المعلومات وسوق العمل
إحدى الجامعات الخاصة في البحرين أرادت إبرام إتفاقية مع جامعة عالمية بحيث تعتمد تلك الجامعة برامجها للبكالريوس والماجستير ليتمكن طلابها من مواصلة الدراسة في تلك الجامعة العالمية لو أرادوا. وفي أثناء مناقشة الجامعة العالمية لبرنامج الماجستير في علوم الكمبيوتر للجامعة المحلية تم الإعتراض على تدريسها لإحدى المواد وإدراجها ضمن البرنامج. طبعا نقول بأنها مادة دراسية.. وواقعاً فان كل مادة من المواد الدراسية تطرح أحد علوم الكمبيوتر المتنوعة والمختلفة في اهتماماتها ومجال عملها. هذا الإعتراض أثار حفيظة أحد الدكاترة. فسألهم عن سبب طلب استبعاد هذه المادة مع أهميتها وضرورتها وأنها أحد العلوم المهمة في مجال الكمبيوتر. وهي أيضا مدرجة ضمن برنامج الماجستير في الجامعة العالمية. فكيف للجامعة العالمية أن تدرس هذه المادة ضمن برنامج الماجستير وتعترض على تدريسها في الجامعة البحرينية؟
في تقييمهم، فانهم لا يقيسون أهمية كل علم على أنه علم في ذاته. فكان ردهم أن المقياس هو سوق العمل. وتساءلوا.. هل توجد شركة واحدة في البحرين أو الخليج تحتاج لموظفين ذوي خبرة في مجال هذه المادة الدراسية؟ هل توجد خطة لدول الخليج لبدء مشروع إستثماري في مجال هذه المادة؟ وما دام أن السوق الخليجية لا تحتاج لهذا العلم مهما كان مهماً فهم وبحسب تقييمهم لا يشكل أولوية. خاصة وأن هناك علوماً أخرى كثيرة ويحتاجها سوق العمل الخليجي.
لو اعتمدنا هذا المقياس هنا في البحرين.. فما هي احتياجات سوق العمل البحرينية لمجال تكنولوجيا المعلومات؟ لو دخلنا في تفاصيل الإحتياجات.. فاننا نحتاج لجامعة متخصصة في هذا المجال. بعض الجامعات العالمية تطرح بكالريوس أو ماجستير خاص للتصميم. فيتخرج الطالب وهو محترف تحرير الصور والأنيميشن والثلاثي الأبعاد 3D والفيديو. وكلها سوق نشطة في كل البلدان. كما لا بد من طرح برنامج خاص لهندسة الشبكات. فالقطاع المصرفي والتعليمي والصحي وقطاع الأعمال كلها تحتاج لمهندسي شبكات محترفون. وبرنامج خاص متقدم في هندسة الإتصالات، فهو قطاع نشط جداً ويحقق أرباح خيالية في بلداننا. تحتاج سوق العمل كذلك لمجالات هندسة البرمجيات وتصميم المواقع والتطبيقات. فجميع الأعمال والمحال التجارية والمؤسسات الحكومية حالياً تعتمد على البرامج الإدارية في إدارة أعمالها اليومية. ولا حاجة لمناقشة البديهيات.
وعلى صعيد آخر، ونتيجة لاستخدام البرمجيات وأجهزة الحواسيب في نطاق واسع في البحرين والخليج.. فان السوق بحاجة لتخصصات متقدمة.. كأمن المعلومات، والتخزين السحابي للبيانات وفن التعامل مع البيانات الضخمة واستنباط المعرفة منها – وهي مدرجة في خطة البحرين لعام 2030 كاقتصاد قائم على المعرفة، وتحتاج للوغاريثمات الذكاء الاصطناعي لضمان نجاح أي مؤسسة مصرفية وللاستثمارات الكبيرة.
ما تحتاجه السوق أكثر مما هو يدرس لنا في الجامعات. أبحاثنا في الجامعات البحرينية جداً خجولة. ومع عمق احتياجاتنا، ومع عمق وتقدم تخصصاتها المطلوبة، ومع وجود خطط استثمارية واقتصادية تؤكد حاجتنا هذه.. مع كل هذا فانهم يعتمدون على سياسة الربح السريع. وعلى اختصار الطريق للوصول للقمة وليس التمهيد والإعداد له. فانهم ببساطة ينشرون إعلاناً في البلدان التي تتوفر فيها كوادر متخصصة أو لديها خبرة وانتهى الموضوع. وبالتالي فان جميع فرص العمل في السوق وشواغره في مجال تكنولوجيا المعلومات يتم إستيرادها لا صناعتها. والأخوة في هذا المجال يلاقون الأمرين في معركة الحياة للحصول على وظيفة ملائمة تنمي قدراتهم وتساعد في استثمار طاقتهم.
فلو كنت مع هذا الفريق الذي يناقش أهمية كل مادة في برامج الماجستير في الجامعة.. لكان جوابي أن أدرجوا أنتم التخصصات التي تحتاجها سوق العمل الخليجية. واتركوا أهل الخليج يتعلموا لذات العلم. لعل الله يحدث أمرا.
4 فبراير، 2016 @ 9:45 م
لعل الله يحدث أمرا
4 فبراير، 2016 @ 9:56 م
☺
شكرا أبو نوفل