صراع تطبيقات التواصل
أثار ازدياد شعبية التيليجرام صراعاً متجدداً وتحدياً لا منتهي لمحاولة برامج التواصل الفوري لاقتناص وكسب العدد الأكبر من المستخدمين. كل تطبيق يمتاز بمميزات لا تتوفر في سواه. وكل تطبيق يضيف مزايا أو يطور أخرى في محاولة من مالكيه في الحفاظ على زبائنه بل وزيادتهم.
نعم هو صراع وليس تنافس. لعل البعض قرأ خبر حجب الواتساب لكافة الروابط للتيليجرام. إذا فهو صراع. سابقا كان البي بي ام له سيطرة كاسحة على برامج التواصل هذه. وقبله برامج أخرى. لكن كم من هذه البرامج بقي في الصدارة الى الآن؟ وكم منها يستطيع الحفاظ على بقائه في الصدارة؟ هذا هو حال التكنولوجيا. (فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ). نعم فكلنا لا نحب استخدام البرامج الآفلة المنتهية الى الزوال.
تتفنن هذه التطبيقات بتوفير محيط وأدوات تشجع مستخدميها على التواصل. بعضها يستهدف كثيرا من يحب التواصل كتابياً. وبعضها للتواصل بالصوت وأخرى متميزة للتواصل بالفيديو. بعضها يتقدم على غيرها بتوفير مزايا تتعلق بالتواصل الجماعي في مجموعات وقنوات. أو بتبادل الأحداث الآنية. وبعضها يوفر جو اللعب والمرح – عن طريق الألعاب الإلكترونية – بين المتحدثين والمستخدمين.
قد يبرر بعضهم إنتقالهم من برنامج لآخر بسبب ميزة واحدة فقط متوفرة في ذلك البرنامج ولا تتوفر في هذا. وقد تمتدح بعض المقالات المزايا الأمنية ومراعاة الخصوصية المتوفرة في ذلك التطبيق وليست هي بنفس المستوى في هذا. لست هنا لتقييم تطبيقات التواصل. ومبرراتهم جميعها صحيحة وتخدم وتلبي احتياجاتهم الشخصية.
قرأت في إحدى الإحصائيات أن إجمالي عدد مستخدمي الواتساب يصل الى 800 مليون مستخدم وعدد مستخدمي الفايبر 600 مليون مستخدم. عدد مستخدمي برنامج السكايبي 560 مليون مستخدم. وهكذا تتعدد الملايين في تطبيقات التواصل. فتطبيق واحد عدد سكانه يفوق عدد سكان مجموعة دول. لكن سؤالي هو.. اذا كان لكل صراع سبب وجيه.. فما هو سبب صراع التطبيقات هذه على المستخدمين؟ علام تتصارع هذه التطبيقات؟ أتتصارع لخدمتنا وإرضائنا؟
جميعنا يعلم أن مثل هذه التطبيقات مجانية أو ما هو بحكم المجاني.وجميعنا يعلم بأن هذه البرامج خالية من الإعلانات. وجميعنا يعلم بأن خدمة هذا العدد المهول من المستخدمين ليس باليسير. ومكلف مادياً. جميع هذه التطبيقات يقف خلفها شركات عليها مسؤوليات مالية كبيرة من رواتب للموظفين وتوفير خوادم لقواعد البيانات وخوادم للخدمات السحابية وأجهزة إتصال وخطوط متطورة.
كلنا عانى من مشكلة تراكم الصور والفيديوات وإمتلاء الذاكرة في هواتفنا بسبب ما نستلمه من تلك المحادثات ونضطر لحذفها كل حين. فما بالكم بالسيرفرات التي تخدم كل هذه الملايين؟ تلك السيرفرات التي يحتفظون فيها بكل صغيرة وكبيرة عن محادثاتنا واهتماماتنا.
فليخبرني أحدكم كيف تزداد قيمة تلك الشركات السوقية بازدياد المستخدمين لها إذا كانت هذه البرامج مجانية ولا يتاجرون بالبيانات المأخوذة منا ومن محادثاتنا كما يدعون في الإتفاقيات التي نوافق عليها عند تنزيلنا لتلك البرامج؟ فليخبرني أحد مع أية جهة من الجهات تتعامل هذه الشركات لتحصل على هذا التمويل الضخم الذي يجعل من قيمتها السوقية وأسهمها في ارتفاع كلما زاد عدد المستخدمين.
هل يتصارعون في جذبنا وتوفير الخدمات لنا فعلا أم لاستغلالنا والمتاجرة بنا؟ هل وعودهم بالحفاظ على خصوصيتنا وأمن بياناتنا أمر واقع أم أنها أوهام ووسيلة لغايات أخرى؟
لماذا اضطرت شركة أبل وأندرويد بحذف عدة برامج من متاجرها بناء على طلب حكومات وأجهزة أمنية لأن فعلاً تلك البرامج كانت تتيح لمستخدميها إرسال رسائل دون جمع بيانات عن مرسليها باعترافهم وكما نقلت وسائل الإعلام في حينها؟
قد يكونون بريئين جداً وودودين ويسعون لرضاكم وحسب..وقد أكون مخطئً في ظنوني وتحليلاتي.. فليشرح لي أحدكم 🙂 .
22 ديسمبر، 2015 @ 9:19 م
احسنت …مقال رائع ??