لغة الهاشتاق
مواقع التواصل الاجتماعي هي مجتمعات افتراضية أشبه ما تكون بالمرآة التي تعكس ما يجري بالمجتمعات الواقعية مع اختصار الجهد والمكان والزمان.
يختار البعض منا شبكات التواصل الاجتماعي ليعبر عن آرائه وليناقش القضايا التي تثير اهتماماته. يحرص البعض على إخفاء هويته والدخول بأسماء مستعارة والآخرون يجاهرون بشخصياتهم الحقيقية. يشتركون جميعاً في الوسم (الهاشتاق) الذي يختزل موضوعاتهم وقضاياهم التي يغردون ويبدون آرائهم حولها.
لغة الهاشتاق لغة تجتذب اهتمام العالم. وتكون محط أنظار المهتمين. ومادة دراسية غنية للكثير من الأبحاث العلمية. تستخدم لغة الهاشتاق لقياس مدى اهتمام الناس بقضية معينة. أو مدى تجاوبهم معها. تستخدم كذلك كوسيلة لإيصال مطالب لمجموعة أو لتبيان حجمهم وحجم قضيتهم وحجم المتعاطفين معها في كافة أنحاء العالم.
حادثة بسيطة تحدث خلال ثواني قد تشعل مجتمع التواصل الاجتماعي لأيام وحتى شهور. وقد تعطي أُكُلُها وثمارها سريعاً وتحظى بتجاوب المسؤولين أسرع مما لو مشوا بالإجراءات الطبيعية لها في الدوائر الحكومية. اذ إن لمعظم الجهات الرسمية والشخصيات الحكومية لها تمثيل على شبكات التواصل وبشكل رسمي.
قد يتهاون البعض في رفع شعاراته ومناصرته لأي قضية في مجتمعه الواقعي. لكنه لا يتوانى عن طرحها والتغريد حولها في العالم الرقمي. قد يظن أن ذلك أكثر أمناً له من أن يطرحها في الشارع أو عبر الوسائل التقليدية. واقعاً لا توجد تقنية مطروحة في عالمنا إلا وقد تم إيجاد الوسائل الكفيلة التي تساعد الجهات الرسمية بمتابعتها ومراقبتها. بعيداً عن الجهات الرسمية، فإن للمهتمين كذلك أدواتهم العملية في متابعة ما يجري في العالم الرقمي. فتوجد إحصائيات دقيقة عن عدد المغردين حول كل هاشتاق ومدى شعبيته ومتى ينشط ومتى يهدأ والخارطة المكانية لمن ينشطون ويهتمون به من بداية إطلاقه. ولهذا تجد الكثير من الأخبار المنشورة في الصحف تستند على حركة الهاشتاق في الفضاء الرقمي. وبالتالي فانه لا يختلف إثنان بأن للعالم الرقمي تأثير مباشر على عالمنا الواقعي.
وكنوع من لمسات الذكاء الاصطناعي، توجد أنظمة ذكية تستطيع قراءة التكتلات وتصنف المتفاعلين مع أي هاشتاق على أساس عرقي وديني ومذهبي وغيرها. تستطيع استنتاج الروابط الفكرية والاجتماعية حول أي هاشتاق. تستطيع تصنيف من يغرد مع أو ضد أي هاشتاق. تستطيع رصد حركة أي تغريدة من منشئها الى انتشارها.
كما توجد بعض التطبيقات الذكية التي تستطيع تقدير مدى التفاعل مع أي هاشتاق جديد أو قضية جديدة قبل أن تُطرَح عملياً. وتخمن هذه التطبيقات الدول التي ستتفاعل مع الهاشتاق والأفراد المهتمين بها. وفي المقابل توجد أنظمة يتم ربطها بحسابات وهمية موجودة على شبكات التواصل وظيفتها التغريد وإعادة التغريد من حسابات يتم برمجتها آليا عليها وذلك لقلب الحقائق والأرقام والاحتيال على شعبية هاشتاق معين أو للتسويق عن منتج عبر الهاشتاقات.
مواقع التواصل الاجتماعي مع ضخامته وشعبيته الواسعة إلا أن جميع التحركات فيه مرصودة ومحفوظة بياناتها وتحلل وتدرس لكافة الأغراض. وقد نتعرض لنفس الموضوع مستقبلاً ذاكرين فيه بعض التقنيات والبرامج التي تستخدم في كيفية دراسة الهاشتاق في مواقع التواصل الاجتماعي لاستنتاج بحر من المعلومات القيمة التي تساعد على فهم هذا العالم.