ذكاء الأعمال والمعالجة السلبية
ذكاء الأعمال (Business Intelligence) هو أحد المجالات الحيوية التي تساهم في زيادة الأرباح واتخاذ القرارات المبنية على المعرفة في الشركات والمؤسسات. وهو عبارة عن مجموعة متقدمة من أدوات التحليل والإحصاء التي يتم تطبيقها على بيانات المؤسسة مطعمة ببيانات خارجية وعوامل من خارج المؤسسة لها تأثير عليها ليتم استخلاص مجموعة من النتائج تساعد في علاج مشكلة ما.
أضحت تقنيات ذكاء الأعمال من التقنيات الرائجة التي اكتسبت أهمية كبيرة في الفترة الأخيرة ويتوقع لها مستقبل كبير جداً. وجميع القراءات تشير الى أن الاستثمار في مجال ذكاء الأعمال هو استثمار ناجح لما له من المردود الكبير في مجال الأعمال.
عندما نتحدث عن مردود كبير في مجال الأعمال فإننا بالطبع نعني المردود المادي. فهذه التقنيات تساعد على فهم أعمق للمجريات الداخلية من إدارة أقل كلفة وتوفير أكبر وتوظيف أفضل للموارد وتساعد كذلك على فهم المحيط المؤثر على الشركة كفهم سلوك المستهلك والمحافظة عليهم وطرق تسويق ذكية وغيرها.
في ملتقى لوزارة التجارة في البحرين حول التجارة الإلكترونية، تم استعراض قصص نجاح رائدة وتم الحديث عن مدى استفادتهم من تقارير ذكاء الأعمال في المساهمة في نمو الشركة وتوسعها. ليس هذا بالغريب، فالأصل أن يتم الاستفادة من تقارير ذكاء الأعمال.
لكن الغريب إن هذه التقنيات قد يصرف عليها الكثير جداً، لتقوم بتقويم الأعمال وإصدار تقارير تفصيلية تتعلق بجودة العمل والتحديات والفرص وما سواها. لكن بعد كل هذا، تقع هذه التقارير “الذكية” بيد مدير يستفيد منها لتغطية عورته وعيوبه وليس لرسم طريق واضح يؤسس لنجاح حقيقي.
فالرقم الذي يدل على اخفاق، بالإمكان الاستفادة منه لرسم خطط علاجية تدفع إلى نجاح حقيقي. لكن عند بعض المدراء، فانه يبحث عن سبل للتحايل لتظهر في النتائج التالية رقم أفضل دون علاج حقيقي. فالمريض مثلاً الذي ترتفع درجة حرارته.. لا يتم علاجه لتنخفض الحرارة. بل ينقع مقياس الحرارة في ماء بارد لينخفض مؤشر الحرارة في المقياس ليبدو الطبيب وكأنه عالج الحالة.
شركة سامسونج أخفقت في أحد منتجاتها من الهواتف التي تؤدي الى احتراقه. لم تقم الشركة بحرق منتجات شركات أخرى منافسة حتى تغطي على ذلك الإخفاق. بل قامت بسلسلة من الإجراءات كتعويض الزبائن وتوفير عروض خاصة لهم ومحاولة كسب رضاهم. كما عكفت على تصميم المنتج القادم بطريقة تتجاوز جميع المشاكل. وأعطت مجالاً أكبر لتجربة المنتج واختباره قبل تسويقه. فهي تسعى للنجاح وللمعالجة الحقيقية.
الهروب لا يحل المشكلة الحقيقية بل يفاقمها. ومع الأيام تشعر المؤسسة بالعجز أمام زخم هذه المشاكل ان لم تعالج. فالنتيجة هي أن تكون تقارير ذكاء الأعمال وبالاً على المؤسسة وثقلاً وعديمة الجدوى. والأولى في هذه الحالة توفير المصروفات التي تصرف على مجال ذكاء الأعمال والجودة.
عادة تصل المؤسسات العامة (الحكومية) أو المؤسسات التي يديرها من لا يهمه أمر المؤسسة إلى هذه النتائج. ففي هذه الأنواع تبحث الإدارات فيها عن المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة. وهو ما يؤسس لفساد ممنهج. وبغياب الجهات الرقابية، أو بغياب الإرادة الحقيقية في التطوير، تصبح التقارير والنتائج التي تصل إليها هذه التقنيات عبثاً.