السمك البحريني بين الواقع والواقع الافتراضي
يهوى أهل البحرين البحر وما فيه. وقد ارتبطت عاداته وتراثه وتقاليده بكل ما يحمله البحر فوقه وفيه. وضمن عاداته هي العادات الغذائية. فأهل البحرين على ود ومحبة مع السمك. لكن كطبيعة كل العادات والتقاليد فإنها تتغير مع متغيرات الزمن. فلم يعد السمك يُشترى من البحارة ولا من فرشات بيع السمك حيث تلاحقهم الجهات الرسمية وتفرض عليهم ما تفرض. صار غالبية أهل البحرين يشتري السمك من الأسواق الكبيرة والمجمعات. وصار السمك لا يتوفر من البحرين فقط كما هو سابقاً. فأضحى من الطبيعي أن يتوفر السمك العماني والمصري ومن بلدان عديدة ومختلفة.
الناس صارت تنظر إلى اللافتة الصغيرة التي تُعلق على السمك لتقرأ اسم ونوع السمك هذا. ثم تنظر للسمك ثم تقرر تشتريه أم لا. فبعضهم لا زال لا يفرق بين أنواع السمك. وبعضهم قد يتعرف على نوع السمك لكنه لا يحمل عن السمك الذي يشتريه أي معلومة غير طعمه. ولأن الأجانب الآن هم من يكون في واجهة المبيعات. فالاسم لا يكتب بشكل سليم أحيانا أو لا يلفظونه بشكل صحيح. فاذا كان المشتري امرأة.. والبائع آسيوي. فوا حسرة على السمك. وحتى نحن، لم نعد نعرف مواسم السمك ومتى ينخفض سعرها ومتى يرتفع. والكثير منا يشتري بالكميات ويخرزنها لديه. فيشتريها بسعر مرتفع ثم تنخفض. لا أنكر بأن طعمه ينسيه ما قد دفع من قيمتها إلا إن بالإمكان أن يشتريه بسعر أقل فيكون ألذ مرتين.
وهنا برزت الحاجة لإعادة التعريف بالسمك وإعادة ربطنا بعاداتنا تلك. ولكوني متخصص في تكنولوجيا المعلومات وحسب، فان أول ما يخطر في بالي هو إنشاء برنامج أو فلنقل تطبيق يعمل من الهاتف. تكون مهمته الرئيسية التعرف على أنواع السمك ويعطي تفاصيل عن أماكن تواجده ومصادره وأسعاره وما سوى ذلك. ولا عجباً لو قلت حتى التعرف على رأي الناس فيه وتقييمه لمذاقه وأي الأكلات التي ينصح بها مع هذا النوع من السمك. وأبسط طريقة يتعرف عليها المشتري على ما يريد شراءه هو استخدام كاميرا الهاتف.
ومع سهولة الوصف، إلا إن هذا النوع من التطبيقات لا بد أن يعتمد على تقنيات تعلم الآلة (machine learning) ورؤية الكمبيوتر (Computer Vision). فباستخدام هذه التقنيات سيتمكن المستخدم بتمرير كاميراته على أي نوع من السمك ليقوم الهاتف بتصنيف السمك (بواسطة تقنية image classification) وستظهر له التفاصيل كاسم النوع، سعره لهذا اليوم مثلا، يمكن له أن يقترح الوصفات والوجبات المعدة بهذا النوع من السمك. وغيرها كما ذكرنا قبل قليل.
ليست المشكلة في التعرف على نوع السمك فقط. فمن المعروف ان بعض أنواع السمك مخصص لأكلات شعبية مخصصة. فلا يمكن لسمك الميد مثلاً أن يكون “مجبوساً”. وعليه يمكن إضافة تقنيات الواقع الافتراضي (Virtual Reality) لعرض ما تحتاجه تلك الأصناف من السمك من وصفات وبهارات للوصول الى الوجبة التي يتم اختيارها. بل يمكنك من خلال استخدام هذه التقنية رؤية السمك الذي لم تشتريه بعد وهو مكتمل على الطبق مع الأرز.
إنها التكنولوجيا يا عالم. فهل يستطيع البحار والغواص البحرايني الذي تميز بعلاقته مع البحر أو يوظف التكنولوجيا ويجعل من البحر يصل إلى هواتف محبي البحر وأكلاته؟