الذكاء الاصطناعي والأمراض الخبيثة
باتت الكثير من الفحوصات الطبية والتحاليل تعتمد على تقنيات الحاسوب في عملية عرض النتائج وتجهيز التقارير الطبية مما يسهل على الأطباء تشخيص المرض. توجد بعض الأجهزة التي صممت خصيصا لأغراض محددة. مثلا فقط فحص السكر في الدم أو الضغط. لكن حديثنا اليوم عن الأمراض والفحوصات ذات العلاقة بالذكاء الاصطناعي.
لم يعد استخدام الحاسوب في هذا المجال يقتصر على تخزين واسترجاع سجلات المريض او حفظ تعليقات الطبيب أو وصفاته. ولم يعد يستخدم فقط لحفظ واستعراض نتائج الفحوصات والصور الملتقطة من بالأشعة.
تلك الأجهزة المتطورة التي يستخدمها الأطباء والفنيون المختصون تساهم بشكل رئيسي في تشخيص الحالات المرضية. فهي فعليا طبيب مختص وخبير وليست مجرد أنظمة عادية. اذ انها تعتمد على بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة.
فمثلا لتحديد الغدد المصابة بالأمراض الخبيثة ونوع الإصابة يتم تطبيق تقنيات التعرف على محتوى الصور التي سبق أن تحدثنا عنها في مواضيع سابقة لتستكشف وتتعرف على الأجزاء التي تحتويها الصور الملتقطة بالأشعة السينية أو المغناطيسية.
بعد عملية التعرف على محتوى الصور، يقوم النظام بحساب نسب أحجام كل عضو ظاهر في الصورة. ليتبين ما إذا كانت الغدة مثلا بها تضخم أو أنها في المعدل الطبيعي. وإذا كان بها تضخم فما هو حجم التضخم.
ثم بالاعتماد على تقنية تعلم الآلة.. وهي تقنية تقوم بتصنيف الحالات أو اصدار أحكام عليها. تعتمد هذه التقنية على تغذية النظام بحالات سابقة تمت دراستها والتأكد من نتائجها سلفا من قبل أطباء. هذه النتائج تحتوي على حجم الغدة وحالة صاحبها، أي هل هي غدة حميدة أم لا. فتقوم الآلة كما هو الانسان باستنتاج معدل واضح لحجم الغدة الحميدة والغير حميدة. وبالتالي تكون الآلة مستعدة لتشخيص الحالات الجديدة لتصدر حكما مبدئيا بالحالة.. هل هي حميدة أو لا. فالأنظمة المستخدمة تحمل خلاصة خبرة أطباء كثر. ويقاس قوة أي نظام بمدى قدرته على تشخيص الحالات الجديدة. ويفترض بهذه الأجهزة أن تتحسن دقتها مع تحسن المعادلات المستخدمة ودقة المستشعر في الجهاز وعدد الحالات المرضية التي تمت تغذية النظام بها لدراستها.
لكن ليس حجم الغدة هو كل شيء. فالأطباء يعتمدون على عوامل أخرى في التشخيص. وكذلك الحاسوب بمكن له دراسة كل العوامل المؤثرة قبل اصدار الحكم أو التشخيص.
مثالا آخر حول توظيف تطبيقات الذكاء وتعلم الآلة في تشخيص الأمراض.. هو اجراء فحوصات الدم لاكتشاف اصابة المريض بالخبيث من عدمه. فلعل الجميع يعلم ان مثل هذه الأمراض تؤثر على خلايا الدم وخصائصه. وتظهر هذه العلامات حتى على شكل خلايا الدم ونسبها. والاختصاصي الماهر يحتاج لمواد كيميائية ومجهر قوي وأدوات أخرى ليستطيع بعدها التشخيص. بينما يمكن للآلة الآن تمييز هذه الأعراض من العينة دون الإضرار حتى بالعينة ولا استخدام مواد كيميائية. فالآلة تتعلم وتستطيع التمييز باستخدام نفس التقنيات التي تحدثنا عنها في المثال السابق.
وفي مرحلة ما بعد التشخيص، لا يخفى على أحد أن الروبوتات المتخصصة تستطيع أن تجري الكثير من العمليات الدقيقة جدا. وتستطيع أن تكون مرشدة وداعمة للطبيب في عمليات أخرى. فتقنية الواقع المعزز مثلا تستطيع رسم خارطة العملية على جسم الانسان وارشاد الطبيب خطوة بخطوة بشكل دقيق لإجراء عمليته.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة لا حدود لهما في كافة المجالات. والمجالات الطبية هي أحد الحقول النشطة على المستويين الإنتاج والبحث العلمي. ونتمنى أن يكون باحثونا ودولنا ليسوا فقط مستهلكين لهذه التقنيات. فأنا أؤمن بأنهم قادرون على الانتاج ولو بعد حين☺.