البيانات الضخمة من جديد
تقوم جميع المؤسسات الكبيرة وشركات تكنولوجيا المعلومات التتي تدير مواقع وتطبيقات “مليونية” بجمع البيانات حول مرتاديها أو مستخدميها وزبائنها بشتى السبل. لا تكاد توجد معاملة مهملة أو بيانات ساقطة. تتراكم البيانات لتشكل بيانات ضخمة بين أيديهم.
يتم جمع هذه البيانات بطرق مشروعة عن طريق إدخالها طوعاً من قبل المستخدم أو عن طرق ملتفة أو مجهولة لدى الكثيرين أو حتى عن طرق مشبوهة وغير قانونية إلا إنه في النهاية يتم جمعها وتخزينها. بل أحياناً أنت تقوم بحذف البيانات هذه من هاتفك او تطبيقك على سبيل المثال لكنها لا تمحى لديهم ويكتفون بحجبها عنك لتبدو وأنها حذفت.
البيانات هذه قد تكون عمليات شراء عادية من المحلات أو معاملة حكومية رسمية، أو قد تكون الصور والفيديوهات التي تشاركها في مواقع التواصل وتطبيقات المحادثة الخاصة والعامة، أو قد تكون بيانات تتعلق بهويتك واتصالاتك ومواقع تواجدك، أو قد تكون عن عملك واهتماماتك، أو حتى عن الكلمات التي تبحث عنها في مواقع البحث أو التي تترجمها بتطبيقات الترجمة، أو حتى البريد الإلكتروني الذي ترسله أو تستقبله، ولا يوجد استثناء على معاملاتك البنكية والتحويلات المصرفية والسحوبات. وبالتأكيد فان البيانات الضخمة التي تجمعها لا تكاد تفارق جميع مفاصل حياتك حتى التي تظن أنها بمعزل عن التكنولوجيا.
ليست هي جهة واحدة المعنية بجمع المعلومات السابقة كلها. بل كل جهة تجمع ما يخصها. لكن بعض الجهات تتعاون لاستكمال البيانات المطلوبة عن مواضيع معينة أو جهات أو شخصيات محددة. تتعاون مع غيرها من الشركات أو عن طريق قراءة البيانات بطريقة غير مشروعة من أجهزتك الذكية كما صرحت بذلك الصحف والأخبار بشكل متكرر يفيد الإطمئنان التام بأنهم لا يكتفون بما يتعلق بتطبيقاتهم فيتجاوز ذلك. كما توجد قضايا شائكة في المحاكم الغربية وبالذات الأمريكية حول الخصوصية وأمن المعلومات.
في احدى فعاليات مؤتمر “IT Innovation and knowledge discovery symposium” الذي نظمته الجامعة الأهلية اليومين الماضيين، قام أحد المحاضرين وهو ممثل عن شركة أوراكل ،التي تهتم بأنظمة قواعد البيانات والبيانات الضخمة، بضرب أمثلة عن كيفية استفادة الشركات حالياً من هذه البيانات. فذكر أهمية هذه البيانات من الناحية التجارية ومن الناحية الأمنية وبالذات الأمن الوقائي للدول بالخصوص الدول المستهدفة بالإرهاب وكيف يوظفون هذه البيانات للتنبؤ بوقوع حوادث أمنية قبل وقوعها.
ما شدني كثيراً مما ذكره هو التوجه الكبير للحكومات وليست فقط الشركات التجارية والمعلوماتية بالتوجه إلى هذا العلم. علم قراءة هذه البيانات واستكشافها وسبر أغوارها للوصول للمعرفة. فقد ذكر ان شركة أوراكل تتعاقد مع الحكومات في الآونة الأخيرة بشكل متزايد وملحوظ. وهو ما يدل على اهتمام الحكومات بمحاولة فهم ما لديها من بيانات ضخمة عوضاً من أرشفتها ونسيانها. وهي ما تعطي فهم أكبر لدائرة عملها والمفترض أنه ينعكس ايجاباً على ما تقدمه من خدمات.
ومما ذكره كذلك – وأوافقه الرأي – هو قراءته للسوق المستقبلية لمجال البيانات الضخمة. إذ إنه قال بأن الكثير من الوظائف الشاغرة ستكون مطلوبة. فان كنت مهتما أو عاطلاً أو تريد تحسين بيئة عملك فعليك بهذا المجال.