الرسوم المتحركة والمفاهيم التجريدية
لفت انتباهي أحد الرسوم المتحركة الذي يشاهده أبنائي. تدور أحداث حلقات هذا الرسوم حول عالم الانترنت. وهو عالم افتراضي -غير واقعي- ويلقي الخيال العلمي بظله في الرسوم. حتى لا أتكلم في المجهول، يدعى هذا الكارتون ببي بو با pipopa.
يفترض الرسوم بأن هناك حياة في عالم الانترنت الذي يسميه بعالم الشابكة. ويفترض أن هناك برمجيات وقد أسموها أطيافا هي التي تدير هذا العالم الافتراضي وتعيش فيه. وتسعى للتواصل مع الحياة البشرية وايجاد قنوات اتصال بين العالمين.
ليس هذا ما أردت ايصاله من هذا المقال. فالمسلسل الكارتوني هذا هو محاولة لتقريب المفاهيم المجردة والنظرية التي كانت تأخذ من وقتنا الكثير لاستيعابها وفهمها وحفظ معانيها أيام الدراسة الجامعية. من ضمن المفاهيم التي تم عرضها في المسلسل الكارتوني هي بنية الشبكات، الجدار الناري، أمن المعلومات، طرق معالجة البيانات، الأنظمة السحابية، النسخ الإحتياطية، الألعاب، الفيروسات ومضادها، الهاكرز وطرق الاختراق، إدارة المواقع. أيضا استعرض المسلسل الكارتوني الخدمات الكثيرة للانترنت بالذات في المدن الذكية. كالتجارة الالكترونية والترجمة الفورية والمواصلات والصناعة والاجهزة المنزلية المرتبطة بالشبكة. كما قدم في المسلسل بعض المعلومات التي أجدها جدا واقعية كتأثير الانترنت على حياتنا اليومية واعتكاف بعض الشركات على محاولة السيطرة على عالم الانترنت والربح السريع.
الإبداع كان في أن ابني الذي لم يتجاوز السابعة من عمره يستطيع فهم مجريات هذا المسلسل وينسجم معها ولو بطريقة عفوية بعيدة عن المفاهيم النظرية تلك. وكان بالنسبة لي تذكارا جيدا لما تمت دراسته في الجامعة. وما يجعله أكثر من مجرد ابداع هو تمثيله الحقيقي للناشطين في المجال التقني. فهناك حضور لدول شرق آسيا والهند وأمريكا وغيرهم بمقدار تأثيرهم في هذا العالم. ولم أجد حضور عربي فيه لأن العرب هم مجرد سوق استهلاكية.
أتمنى وانا في مجال التعليم أن أرى مسلسلات تعليمية ابداعية قادرة على تهذيب المفاهيم النظرية وايصالها بطريقة فعلا مشوقة ومريحة للطالب. وأن لا تقتصر على التعليم المباشر عن طريق الدروس الإلكترونية مثلا.